سـارة ~

في خضم الحياة ..

وكل هذه الفوضى، والتغيير الكبير الذي يحدث حولي، والضجة التي أهرب منها جريا إلي/ إلى كهفي/ غرفتي التي يهطل فيها المطر ومسقط من حولي تشكو حرارة الجو ..

وفي وقت صلحي مع القلق والتساؤلات الجارحة .. والأصوات التي تتلاشى بداخلي .. وبحري المستكين مؤخرا ..

متيقنة أنا بمعرفتكِ عن سكني تلك المساحة الصغيرة في يسار بيتك ..

ترين آثار ألواني المزهرة في الأرض البيضاء التي حسبتِها لكِ بمفردك ..

تسمعين صدى حرفي المهموس في زوايا الروح التي ظننت ليلتها وأنتِ تمسكين باقة الورد أن ـها ستفتح أمامك كل أبواب السعادة ..

وتشعرين بوجودي كما تشعر الأم بحركة جنين ـها .. حين تلجأين لـ الحضن البارد رغم القرب والسنوات المتشابكة ..

تجدينني دوما في الابتسامة المرسومة بالضوء .. تلك التي تُخفى بسرعة، وكأنها ذنب مُقترف ..

تبصرين ملامحي في العين الدافئة .. اللون البني الذي تهبه الشمس بريقا يسحرني .. فأتمنى توقف الزمن لأتأمله حتى أكتفي ..

تتبَّعَين أَمَارَات أصابعي في الكف المفتوحة أمامك ..  تتساءلين عن موعد اللقاء وتفاصيله ..

أنا هناك .. وإن امتد الصمت سنينا ..

في …

.. القلب الخائف من غد يأتي بلا حب عاصف ..

.. تلألؤ المقلة حين تداهمكم أغنية تُعيد ذكرى يوم ميلاد خريفي ..

.. صفحات الكتاب المغلف بـ قميص السفر ..

.. الـ وعود غير الموفية ..

.. الدقائق التي يُختار في ـها الوشاح .. والتردد بين زرقة سماء الصيف والخضرة التي أحب ..

.. الاضطراب الذي يشوش الروح ليلاً قبل المواعيد المنسوجة بالشوق والأمنيات ..

.. حرف الـ ع المتكرر في الرسالة النصية التي تصل فجأة عند الرابعة عصرا ..  

.. العزلة التي تحتاجها الروح بعد الفقد الكاسر ..

.. الفكرة المهيمنة لحظة إقلاع الطائرة ..

.. الحضور الذي يُتتوَّق إليه في ازدحام الوجوه وتداخل الأصوات ..

.. الحديث الشفاف عن القلب، وأحلامه ..

أنا هناك .. في الفؤاد مستقرة ~

ثم ماذا؟

الساعة تشير إلى الرابعة عصرا .. أي أن شعورا كهذا يجب ألا يزوني في هذا الوقت. الرابعة عصرا من يوم الجمعة ساعة الكسل والتمطي والبحث عن فنجان قهوة يُرتبني داخليا. لكنه هنا يُطرق أبوابي؛ لأفتح له حتى يدخل ويمحو الطمأنينة التي سكنتنتي وتفاؤلي بأن العام الجديد سيكون مختلفا، وجميلا، ومدهشا كالعام الذي أتمناه لأحبتي.

ثم ماذا؟

يكبر هذا السؤال في رأسي ويسبب لي صداعا مؤلما.

ماذا بعد أن أزلت تقويم العام الماضي وألصقت الجديد؟

ما الذي يجب أن يحدث؟

هل ستعود لـ نبتتي الحياة؟

هل سنلتقي دون عناء؟

هل سأتوقف عن البحث عني في صفحات الكتب؟

هل سيعود للعناق معنى، والضحكة العفوية طعم؟

هل سيُسمح لـ الكفين بالتلامس علناً ؟

ثم ماذا بعد كل هذا ؟

بالأمس أرسلت لصديقتي صورتي مذيلة بـ ” آخر صورة في 2020 ” وفاجأني ردها بـ ” لا تقولي بأنك لا تنوين البقاء حتى الغد ” .. ترى كيف عرفت بأني رغم كلامي المتفاءل كنت أرجو بأن تكون تلك الصورة الأخيرة ثم يختفي كل شيء، وتتوقف الحياة.

لا أعرف إن أحسستم يوما بـ هذا التعب الداخلي الذي ينهشكم من الداخل، ومهما فعلتم أو قلتم يبقى هناك في أعماقكم يسحبكم إلى ظلمة غير مريحة.

أتمنى أن يتوقف كل شيء لـ عشر دقائق فقط كأن يتجمد الوقت ويُسمح لي فقط بالحركة، فأتمكن من ترتيب حياتي وعقلي دون أن تشويش أو مقاطعة.

أشعر بأن وصلت لـ تلك المحطة التي أُخيَّر فيها بين تخدير نفسي بالتجاهل واعتزال البشر أو قول ” لا ” بـ صوت عالٍّ سيُقلق من حولي قبل اخافتِهم. رغم توحدي، وانشغالي بمحاولات النجاة من الغرق في بحر دواخلي إلا أني أجدني مثقلة بعلاقات تستنزف صبري ووقتي. الحياة قصيرة .. قصيرة جدا فلماذا نضيع أيامها مع الأشخاص الخطأ؟

عام جديد .. وعدتني فيه بـ اعتزال كل ما يؤذيني .. وكل الذي أرجوه أن لا أؤذي فيه أحد.

أنت …

كل المسافات تتلاشى في اللحظة التي ينبثق فيها صوتك من أطراف ذاكرتي، فـ أبتسم رغم الضياع الذي أشعربه، وشوق جارفٍ يُوقظني ليلا …

 أنت سِرِّي الأبيض

امتداد الفرح في عيني

المساحات الطاهرة في الروح

الابتسامة المزهرة على شفتي

الدمعة المنفلتة في حضنك الوطن

السجدة الطويلة في ليالي رمضان

الضمير المخبأ في بيت شعري خادش

العطر المتسلل من عباءتي

النسمة المارة بعنقي لتُحييني

القبلة المنسية على يدي

الأصابع المتعانقة خلف ظهري

الـ ” اششش ” المهموسة

أنت .. حكايتي غير المَروِيّة.

تشق الـ ” لماذا ” صدري، وأتساءل عن حكمة الله وراء الجسر المُشيد بين قلبينا، وبيني وبينك ألف حارس، وصلوات مكثفة بنسيان ينتزعني من رأسك حين تضعه ليلا مستحضرا جنوني الطفولي، ورمشي المستلقي على خدي، وشظايا انكسار تُوجعنا كلما اقتربنا. يا أنت خبئني خلف قلبك الذي أحب، واذكرني كلما عانقت عيناك غيمة مسافرة.

~

.

.

أعود إليك .. راضية بـ قضاءك، وحكمك. تاركة كل رغباتي الصغيرة وأمنياتي الملونة وأحلامي البيضاء على أرضهم. عائدة إليك محملة بالقلق من أيام لا تشبه روحي، بأسئلة تُحيرني، وطريق أنهكني، وشعور جميل يخنق قلبي. أعود إليك متيقنة بأن لا سواك منقذي، ولا غيرك ملجأي، وأنك حبيبي الذي يتقبل سارة كما هي .. بكل صراحتي/جنوني/اختلافي. أعود لأخبرك أني غارقة في حيرة لا يدركها إياك، وأني مُتعبة جدا إلى حدّ الدعاء بأن تبتر شعورا يلتف حول قلبي، ويعصره، ويُبكيني رغم عذوبته.

إلهي .. ارفعني نحو سماواتك العَطِّرة، وتقبلني بهشاشتي، وضعفي، وقلة حيلتي. أنقذني يا سندي من بئر بلا قاع، وبحر أسود، ودرب طويل يكاد يشلُّني. واحمني من نفسي ~

يجرح الفقد قلبي …

.

.

لا أفهم كل القواعد الموضوعة، ولا الأحكام المُنصبَّة، وأعرف أن سقوطي سيكون مُدوياً لأني أتجاهل كل شيء وأركض نحوك. نحو الـ لا حاجة لشرح ذاتي، ومزاجيتي، وحاجة للعزلة تسحبني إلى كهفي. نحو كفك الممدوة كحبل حين أغرق، وصوتك الذي ينتشلني دائما من غربة داخلية تُبعدني عن ما أحب..

يا صديقا أتشبث به رغم استعدادي الكُلِّي للتخلي عن ما لدي في لحظة ،والسير نحو النهاية المجهولة .. أدرك بأن المشي بجانبي صعب، وفهمي أصعب، وأني كائن يدفع الآخرين بعيدا عنه. لكن تيقَّن بأنك فيني، وبحرُّك يأسرني، وأني رغم اختبائي الدائم تحت برودة غرفتي، وموسيقى تتسلل من شاشة حاسوبي، وادعائي المستمر بأني في أحسن حال ولا ينقصني شيئ إلا أني أحلم بـ قرب دائم، وكرسيين متجاورين في الطائرة، ومقالب ساخرة تدفعني لضحك صاخب أمام ملامح وجهك المُنزعجة.

إن الدنيا بالنسبة لي كتاب صعب الفهم، وكلما قرأت منه سطرا نسيت الذي سبقه، فأبقى معلقة بين ضرورة اكمال القراءة والـ لافهم. وأدرك أنك في البُعد ترى تعبي، وتشعر به إلا أنك اخترت تركِّي متخبطة، مُثقلة بالأسئلة؛ لأنك تعِّي أني عاصفة لن يقدر عليها قلبك، وأن الطفلة التي تسكنني متهورة جدا.

يا طمأنينة القلب .. سنلتقي مجددا دون خوف يسكننا ، وذكرى فقد تجرح قلبي ~

1/52

1-52

لنبدأ مرة أخرى، ونُعيد كتابة الحكاية وكأننا ما تعثرنا/انجرحنا/انكسرنا. تعال نسقي زرع الطريق، ونتسابق إلى خط النهاية الأجمل. ونضحك على تهورك وجنوني، فضول البداية وسخريتي، أحلامك الكبيرة وواقعيتي الصخرية، تكتمك وصراحتي، يقينك وارتيابي.ا

منذ أقفلت الباب بعدك، وأنا أعيد ترتيب حياتي. أملأ الفراغ بأكواب القهوة المرَّة، مسلسل فرنسي مُسلِّي، أغنيات جديدة، الضحك بصدق، فيلم هندي مرعب، النوم دون انتظار، عطر لا يشبهني، وسفر قريب. تمرالحياة بسرعة غريبة تُنسيني صوتك/ ابتسامتك الناقصة/ ودفء قربك، فلا أفتقدك كما توقعت. ولكن الغريب أني أفتقدني على نحو يصعب عليّ استيعابه، ولا استطيع فهم الرابط بين غيابك وفقدي إياي. وكأنك يوم أدرت ظهرك أخذت مني جزء أعجز عن تحديده لتعويضه.ا

الحياة غريبة يا صديقي .. غريبة جدا وكلما حاولت فهمها يهاجم رأسي صداع ثقيل، ورغم ذلك أنا بخير، وروحي خفيفة. وكل الذي أرجوه أن تصبح بخير، ولا يكويك الفراق.ا

تعال نبدأ من جديد، ونتذكر فصولنا المنتهية بابتسامة ~ا

-/52

writers-block

عندما وضعت “العودة للكتابة” أحد أهداف العام الجديد، لم أتكن أتخيل أن تكون العودة صعبة إلى هذا الحد. برغم تزاحم الأفكار في رأسي وحاجتي لإزاحة الكثير عن قلبي إلا أني شبه عاجزة عن صف الحروف وكتابة نص يستحق وضعه هنا .. فالآن والساعة تُشير للتاسعة والثلث صباحاً في مكتبي البارد جدا لا أفكر في شيء سوى كيف سأكتب اثنين وخمسين نصا خلال عام واحد .. نص واحد أسبوعيا أمر غير مستحيل .. سأكتب أشعر بذلك، كشعوري بأنها سنة مُثمرة .ن