يوم جامعي

.

تقف الزهراء الآن بجانبي .. تمدّ أصابعها الصغيرة إلى كرات الجبن المنفوخة وتلتهمها ..وهي تحرك جسدها بتمايل على أنغام موسيقى لا تسمع ـها وأسمعها أنا .. رائحة الجبن تصلّ ـني بسرعة .. تدخل فتحاتي الأنفية وأشعر بطعمها على لساني أحاول أتجاهلها ..،ودون أن أدرك أكتشف أن يدي ذات الـ لونين دخلت الكيس البرتقالي وقطفت كرة صغيرة ..

حاسوبي بـ شاشته الباهتة يجلس أمامي .. جمال وسالم ولاتيكا يستوطنون شاشتي منذ الخميس .. يقفون بملابسهم الرثة الملطخة ببقع زيت المركبات وغبار الأرض يُقيم حفلة صاخبة في أجسادهم النحيلة .. كل ذاك الفقر الفاقع يختفي أمام فرح أعينهم .. المتوجهة يسارا نحو قبلة الفرح المخبأ .

فتحت الجهاز على أمل كتابة مقال أشارك به في مسابقة ملتقى الإبداع الإعلامي ،وأتذكر أن السابع عشر من الشهر آخر يوم لتسليم المقال ،ومع ذلك لا أجد فكرة أرسمها ..؛لألونها بحروف تمهدّ طريق المشاركة .يبدو أني  سأبعد فكرة المشاركة عن رأسي ..،وأبدأ القراءة عن حرب غزة الأخيرة فبعد شهر سـ أقف أمام الفصل و ثلاثة فتيات لنتحدث عن تحليلنا صحيفتي الشرق الأوسط والقدس في تغطيتهما لحرب غزة .أتذكر وأنا أقف عند مكتب د.الكندي أني أندرج تحت فئة الإعلاميين الفقراء .. وذلك لابتعادي كل البعد عن الصحف والجرائد رغم أن تخصصي الصحافة .. لا أعرف كيف أشرح حالتي التي يستعصى علي فهم ـها .. منذ أن فقد أبي عمله ،وتوقف الصحف عن المجيء للمنزل .. توقفت قراءتي للصحف اليومية .. واقتصرت قراءتي على النسخ الإلكترونية كالشرق الأوسط وعكاظ مبتعدة كل البعد عن صحفنا العمانية .. إلا في حال صدور مرسوم سلطاني جديد ،أو إعلان رسمي ،وفي أغلب الأوقات لا أقرأها.لا أحاول خلق إحساس في نفس محدثي أني أعرف في السياسة شيء وأوضح منذ البداية أن الأحداث السياسية والأزمات التي تتداول ـها وسائل الإعلام لا تهم ـني أبدا ..،وكل علاقتي بهذه الوسائل تبدأ حيث يبدأ الأدب .

أعدت قراءة ما كتبته عن الأستاذ سالم ومقرر الصحافة الإلكترونية في رئتي الثالثة وأردد سبحان مغيّر الأحوال فبعد يوم من كلماتي المتفائلة تـ فاجأنا بقائمة الأعمال الواجب علينا تسليمها .. ثمانية في الفصل نحن .. شاب وفتاة لا يحضران إلا نادرا والستة الباقون نحضر محاولين بعث التفاؤل في أرواحنا وإشعال الطموح الذي لا نكاد نشعله حتى يخبو .في آخر محاضرة بعد مناقشتنا لصحفنا الإلكترونية التي نتخيل رؤيتها ذات يوم سألنا الأستاذ لماذا لستم طموحين ..؟!؟ وكأنه قرأ ذلك في ردودنا على أسئلته الواقعية .. رميت وأمل تعليقا سخيفا ثم ضحكنا بـ هستيرية منحتنا مظهر الأغبياء .. محاضرة الصحافة الإلكترونية رغم صلابة الأستاذ سالم إلا أن الساعة والخمسين دقيقة تمضيان بسرعة فلا يصيبنا الملل فيها .

اليوم في محاضرة تاريخ الصحافة العربية داهم ـتني فكرة الكتابة باسمي الحقيقي .. ترى ما الذي سيتغير لو بدأت الكتابة به .. هل ستتغير حروفي أم ستظل كـ هي دون أي تغير ولو كان طفيفا .. قريبا جدا سـ أستبدل اسمي بـ سوير .بعد انتهاء المناقشة مع أصحاب العرض الأخير تحدث معنا د.الكندي بأسلوب دفعني للضحك ..؛لأني تذكرت حينها وجه أبي وهو على وشك إسداء نصيحة يعلم أني سأتجاهلها نظرا لعدم اقتناعي بما يقول .. ولم أدري حينها ما العلاقة بين حديث الدكتور ووجه أبي .. كان يخبرنا بـ المتلازمة وأنه يجب محاولة التخلص منها أو تقليلها وعندها بدأت أفكر في متلازم ـتي .. لا أظنني أكرر كلمة دون سواها أو أفعل حركة معينة تميزني أثناء الحديث .سـ أراقب كلماتي/حركاتي منذ اليوم علِّي أجد متلازمة فـ أطلق سراحها .ترى أي كلمة تكررون ،ويدكم ماذا تفعل في خضم الحديث ..؟!

غدير

تعطَّري بـ عطر الطفولة

..،ومبروووك صديقة الروح